إسلام

كيف تكون السعادة في التقرب من الله ؟

السعادة هي الشعور الداخلي الذي يشعر به الانسان ويشعر بسكينة والطمأنينة القلب وايضا راحة البال وذلك بسبب استقامة سلوكه والإيمان بالله عز وجل.

وقد أشار الله تعالي إلى السعادة في الكثير من الايات القرآنية، كقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97]؛

إذ إنّ السعادة في الإسلام لا تقتصر على الجانب المادي فقط وإن كان عنصرًا من عناصرها، بل يُركز الإسلام على الجانب المعنوي كثيرًا؛ إذ يُعد السلوك القويم سببًا في تحصيل السعادة والاستمتاع بها؛ لقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: 32].

وقد جاء الإسلام بنظام متكامل يتضمن القواعد والنظم التي تحقق للعبد جميع مصالحه في الدنيا والآخرة؛ فالإسلام وازن بين الجانبين؛ واهتم بالسعادة الدنيوية ووضع الأحكام والضوابط التي تكفلها؛ إذ جاء للحفاظ على المصالح العليا المتمثلة في الحفاظ على النفس، والعقل، والمال، والنسل، والدين، كما أكد على أن الحياة الدنيا وسعادتها ليست سوى طريق إلى الآخرة، لقوله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77]، وركّز على السعادة في الآخرى بوصفها بالسعادة الحقيقية الدائمة، وجعلها متعلقةً بصلاح العبد في حياته الدنيا، لقوله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32] .

تحقيق السعادة في الحياة مع الله

يظن أكثر الناس أن السعادة في كثرة المال، أو في بيت فخم وسيارة حديثة، أو في الأولاد والأحفاد، أو في الوجاهة والمناصب، أو في امرأة ذات مال وجمال ودلال، لكنّ المتأمل في هذه يجدها متع دنيوية زائلة وفانية ولا تؤدي الى السعادة الحقيقية التي تغمر القلب والنفس بالراحة والاطمئنان؛ إذ إنّ السعادة ليست في المتع الدنيوية بل هي في طاعة الله، والبعد عن معصيته، والفوز بالجنة والنجاة من النار، لقوله تعالى: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز} [آل عمران: 185]، وحتى يفوز الإنسان ويجد السعادة الحقيقية في القرب من الله يجب أن يسير على الصراط المستقيم، وأن يتبع سنة الرسول -عليه السلام-، وأن يتقي الله ويعبده كأنه يراه فإن لم يراه فإنّ الله يراه، ويجب الأخذ والالتزام بأسباب السعادة في الدنيا والآخرة، ونذكر أدناه أهمها، ومنها:

  • الإيمان والعمل الصالح: ‏ إذ إنّ الحياة الطيبة والسعادة القلبية والسكينة تكون لأهل الإيمان والعمل الصالح، ولو فقدوا المتاع الدنيوي الزائل، أما غيرهم لو وجدوا جميع أسباب السعادة الدنيوية والملذات المحسوسة فإنهم حتمًا في ضيق ونكد، لقوله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [‎‎النحل: 123-124]، ومن أعظم الأمثلة قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عندما حُبس في قلعة: [ما يصنع أعدائي بي؟ إن جنتي وبستاني في صدري إني رحت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة]، ويقول ابن القيم في شيخ الإسلام -رحمهم الله-: [وعلم الله ما رأيتُ أحدًا أطيب عيشًا منه مع ما كان فيه من ضيق العيش فهو من أطيب الناس عيشًا وأشرحهم صدرًا وأقواهم قلبًا وأسرهم نفسًا تلوح نضرة النعيم على وجهه].
  • الإحسان إلى الخَلق: ويكون الإحسان بالقول والعمل وجميع أنواع المعروف، إذ إنّ الله يعامل العبد وفق معاملته للعباد، فمن يحسن إلى الخلق يجازيه الله بالرفق والرحمة، ودفع الهموم عنه؛ لقوله تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114].‏
  • الاشتغال بالأعمال والعلوم النافعة: إذ إنّها تُؤنس النفس وتُلهي القلب عن القلق والتوتر الناتج عن الضغوطات الدنيوية؛ فكلما انشغل العبد ونسي أسباب الهموم فرحت نفسه وازداد نشاطه.
  • التفكير في اليوم الحاضر فقط: إذ إنّ التفكير في الحاضر وترك الخوف من المستقبل أو الحزن على الماضي يجعل الإنسان يجد ويجتهد في إصلاح حاله، قال -صلى الله عليه وسلم-: [المؤمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وأحَبُّ إلى اللهِ من المؤمِنِ الضَّعيفِ، وفي كُلٍّ خَيرٌ، احْرِصْ على ما يَنفَعُكَ، واسْتَعِنْ بِاللهِ ولا تَعجَزْ، وإنْ أصابَكَ شَيءٌ، فَلا تَقُلْ: لو أنِّي فَعلتُ كان كَذا وكَذا، ولَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللهُ، وما شاءَ فَعَلَ، فإنَّ لو تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيطانِ] [صحيح الجامع|خلاصة حكم الحديث: حسن].
  • الإكثار من ذكر الله: فإنّ ذكر الله والإكثار منه من أعظم أسباب انشراح الصدر وطمأنينة ‏القلب، وزوال الهم والغم، قال تعالى: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].‏
  • عدم مقارنة النفس بالغير: يجب على الإنسان ألا يقارن نفسه بمن هو أعلى منه في الرزق والصحة وغير ذلك؛ إذ تسبب في الهم والغم، بل يستحسن أن ينظر إلى من هو أدنى منه ويشكر الله على نعمته؛ إذ يزداد بتلك النظرة فرحه وسروره وغبطته، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ] [صحيح مسلم |خلاصة حكم الحديث: صحيح].
  • إزالة الأسباب الجالبة للهموم: ويكون ذلك في التفكير بالأسباب الجالبة للسرور، ونسيان المكاره التي لا يمكن دفعها، ومعرفة أنّ التفكير فيها هو باب من أبواب العبث والتفكير بالمستحيل، وبذلك لا ينشغل القلب بها.
  • تقوية القلب ودفع الأوهام والأفكار السيئة: إذ إن الاستسلام للأوهام والأفكار السيئة يجلب للقلب الانفعال والخوف والأمراض، ويزيد الهموم ويلغي الشعور بالراحة والسعادة.
  • الاعتماد والتوكل على الله وحده: إذ إنّ الاعتماد على الله والتوكل عليه والوثوق به والطمع في فضله يدفع الهموم، ويجلب القوة والانشراح والسعادة للقلب والنفس.
  • عدم الجزع عند الإصابة بمكروه: إذ يجب على الإنسان ألا يفقد الأمل في رحمة الله عند الإصابة بمكروه أو شيء يخاف منه، بل يجب عليه تذكر باقي النعم الدينية والدنيوية التي هو فيها، ثم شكر الله على دوامها وبذلك تستريح نفسه ويطمئن قلبه.
السابق
معاني اسماء الله الحسنى في القران الكريم
التالي
فوائد ذكر الاستغفار في الاسلام

اترك تعليقاً